حين تقع جريمة ما يطرح السؤال التالي: من له مصلحة من وراء هذه الجريمة؟
لا شك ان تدمير المدرسة العمومية بشكل مممنهج جريمة ما بعدها جريمة. انها جريمة كبرى ستدفع الاجيال الحالية واللاحقة ثمنها غاليا. فمن المستفيد من وراء هذا الاستهداف الممنهج للمدرسة العمومية؟ واي تكلفة مادية واجتماعية سيتعين علينا جميعا دفعها ؟
1- الدور "الامني" للدولة:
لم يعد يخفى على احد سعي الدولة بشكل حثيث نحو "بيع" المدرسة العمومية؛ و"تسليع" التعليم. وجعل المدرسة في خدمة الراسمال (العابر للحدود) والمقاولات الكبرى (والشعار الجاهز بطبيعة الحال هو تحقيق التنمية البشرية). ان الدولة عازمة على رفع يدها عن قطاع التعليم؛ لتتركه في مهب رياح السوق. وما مشروع الغاء "مجانية" التعليم (وهو ليس كذلك مادام يمول من المال العام) الا حلقة من مسلسل طويل.
وراء هذه الجريمة تقف ارادة المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) في تحجيم دور الدولة (ليصير بوليسيا مقتصرا على حفظ الامن: امن مشاريعهم...). والاجهاز على كل القطاعات ذات الطابع الاجتماعي.
ان سياسة صندوق النقد الدولي (ومن يسبح في فلكه) تقوم على "قتل" و"تصفية" الدول باغراقها بالديون. ومتى صارت كذلك فقدت سيادتها؛ واستبيحت اراضيها ومقدراتها من طرف الراسمال. (وما سياسة التقويم الهيكلي ببعيدة عنا! ولنستحضر ازمة اليونان....).
ولان ديوننا تتراكم- يوما بعد يوم- فما علينا سوى خوصصة كل شيء، حتى نستطيع سداد تلك الديون. فكما بيعت الشركات العمومية بابخس الاثمان حان الدور على المدرسة العمومية لتلقى المصير نفسها( منذ 2008 الى الان اغلقت 200 مدرسة عمومية، وتم تفويت بعضها للخواص....).
تلك الديون بطبيعة الحال (وفي ظل غياب الديمقراطية والحكامة والشفافية....) فانها تتحول الى مشاريع وهمية، وانجازات تفاخرية لا يمكن ان تسهم في تنمية حقيقية (اذ ان هذه الاخيرة مشروطة ببناء الانسان لا بناء الحجر). ولنا في مشروع القطار فائق السرعة TGV خير مثال. (فهل نملك طرقات معبدة تزيل عن القرى عزلتها حتى نفكر في انجاز مشروع TGV !!).
انها ديون( قيود) تؤخذ باسم شعب باكمله، وتذهب الى جيوب وحسابات المسؤولين في سويسرا...( وحتى لا يقال اننا نطلق الكلام على عواهنه عودوا الى التحقيقات الصحفية وتقارير المجلس الاعلى للحسابات
للحسابات وتقارير الجمعيات والهيئات الوطني....للاطلاع على فضائح نهب وتهريب المال العام).
2 - الاستبداد يتغذى على الجهل :
من مصلحة اي نظام سياسي ينبني على الاستفراد والاستبداد بالقرار السياسي والاقتصادي ويحتكر المجالات العسكرية والدينية...ان ينتعش الجهل والامية...في اوساط الشعب. ولا اظن نظامنا السياسي يخرج عن هذه القاعدة.
فاذا كان اصلاح التعليم رهينا، اولا وقبل كل شيء، بتوفر الارادة السياسية، فان تدمير المدرسة العمومية ايضا نتاج ارادة سياسية.
ان كل مشاريع الاصلاح التي طالت المنظومة التعليمية خرجت من المطبخ السياسي للنظام. وكل المجالس واللجان التي اشرفت على صياغة السياسة التعليمية خرجت من رحم النظام السياسي. واذا كان هذا الاخير نفسه يعترف بفشل المنظومة التعليمية فهل لديه الجراة لتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية جراء هذا الفشل؟( اعمالا لقاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة!)
ان الاجهاز على المدرسة العمومية واستهداف "مجانيته" من شانه الضرب بشعارات التعميم والجودة "المدرسة قاطرة التنمية" وتكافؤ الفرص....عرض الحاءط.
ولا ينبغي بعد ذلك ان نستغرب تفاقم مشاكل انتشار الجريمة والانحراف وتعاطي المخدرات و"الكفر" بالوطن.
لن نستغرب اذن حين نقرا خبرا مفاده سعي الدولة لبناء 37 مؤسسة سجنية في افق 2018 بميزانية تقارب 140 مليار سنتيم ).
3- يقال ان مصائب قوم عند قوم فوائد:
على ايقاع فقدان الاسر ثقته في المدرسة العمومية استغل الكثيرون هذا الامر. فبدات تتناسل المدارس الخصوصية كالفطريات. فصارت المدرسة الخصوصية (مع انها ليست افضل حالا من المدرسة العمومية) مشروعا يدر على اصحابه ارباحا كبيرة. ولا شك ان هذا اللوبي (الذي يستثمر في التعليم) ليس من مصلحته ان تقوم للمدرسة العمومية قائمة.
وداخل المدرسة العمومية نفسها سنجد مدرسين- مدرسات " خوصصوا التعليم قبل ان تفعل الدولة (عن ظاهرة الساعات الخصوصية اتحدث).
فما هي تكلفة هذا التدمير الممنهج؟
" اذا كنت تعتقد ان تكلفة التعليم باهظة فلتجرب الجهل". كما قال محام امريكي.
ان تكلفة التجهيل المادية تكمن في اهدار الفرص تلو الاخرى لتحقيق نهضة شاملة تستهدف الانسان اولا وقبل كل شيء. اليست الدول التي تقدمت هي تلك التي امنت باهمية الرسمال البشري؛ ومنحت لشعوبها الامكانات المادية والمعنوية للابداع والاسهام في تنمية الوطن؟ فكيف اذن تستثمر الدول الصاعدة في تعليم ابناءها وبناتها وتعتبره اقدس المقدسات بينما تعتبرونه انتم عبئا
ثقيلا على كاهل الدولة وجب التخلص منه؟ هل اعمتكم مصالحكم الشخصية والضيقة الى هذا الحد ففقدتم القدرة على النظر ابعد من اقدامكم.
لا تستغربوا ان صنعتم- بسياساتكم العمياء- اجيالا حاقدة. عليكم، على نفسها؛ على "الوطن" (اليس احراق الذات اشد انواع "الكفر" بالحياة؛ واكبر تجسيد للياس؟).
لا تتتعجبوا وانتم ماضون في تفريق المغرب الى مغربين- بتنفيذكم لمخططات فاشلة- :مغرب الفيلات ومغرب الكاريانات.
الطامة الكبرى ان البؤساء لن يتركوكم تهناؤون بالعيش الكريم، طال الزمن او قصر. ولكم في التاريخ عبرة يا اولي الالباب!
لا شك ان تدمير المدرسة العمومية بشكل مممنهج جريمة ما بعدها جريمة. انها جريمة كبرى ستدفع الاجيال الحالية واللاحقة ثمنها غاليا. فمن المستفيد من وراء هذا الاستهداف الممنهج للمدرسة العمومية؟ واي تكلفة مادية واجتماعية سيتعين علينا جميعا دفعها ؟
1- الدور "الامني" للدولة:
لم يعد يخفى على احد سعي الدولة بشكل حثيث نحو "بيع" المدرسة العمومية؛ و"تسليع" التعليم. وجعل المدرسة في خدمة الراسمال (العابر للحدود) والمقاولات الكبرى (والشعار الجاهز بطبيعة الحال هو تحقيق التنمية البشرية). ان الدولة عازمة على رفع يدها عن قطاع التعليم؛ لتتركه في مهب رياح السوق. وما مشروع الغاء "مجانية" التعليم (وهو ليس كذلك مادام يمول من المال العام) الا حلقة من مسلسل طويل.
وراء هذه الجريمة تقف ارادة المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) في تحجيم دور الدولة (ليصير بوليسيا مقتصرا على حفظ الامن: امن مشاريعهم...). والاجهاز على كل القطاعات ذات الطابع الاجتماعي.
ان سياسة صندوق النقد الدولي (ومن يسبح في فلكه) تقوم على "قتل" و"تصفية" الدول باغراقها بالديون. ومتى صارت كذلك فقدت سيادتها؛ واستبيحت اراضيها ومقدراتها من طرف الراسمال. (وما سياسة التقويم الهيكلي ببعيدة عنا! ولنستحضر ازمة اليونان....).
ولان ديوننا تتراكم- يوما بعد يوم- فما علينا سوى خوصصة كل شيء، حتى نستطيع سداد تلك الديون. فكما بيعت الشركات العمومية بابخس الاثمان حان الدور على المدرسة العمومية لتلقى المصير نفسها( منذ 2008 الى الان اغلقت 200 مدرسة عمومية، وتم تفويت بعضها للخواص....).
تلك الديون بطبيعة الحال (وفي ظل غياب الديمقراطية والحكامة والشفافية....) فانها تتحول الى مشاريع وهمية، وانجازات تفاخرية لا يمكن ان تسهم في تنمية حقيقية (اذ ان هذه الاخيرة مشروطة ببناء الانسان لا بناء الحجر). ولنا في مشروع القطار فائق السرعة TGV خير مثال. (فهل نملك طرقات معبدة تزيل عن القرى عزلتها حتى نفكر في انجاز مشروع TGV !!).
انها ديون( قيود) تؤخذ باسم شعب باكمله، وتذهب الى جيوب وحسابات المسؤولين في سويسرا...( وحتى لا يقال اننا نطلق الكلام على عواهنه عودوا الى التحقيقات الصحفية وتقارير المجلس الاعلى للحسابات
للحسابات وتقارير الجمعيات والهيئات الوطني....للاطلاع على فضائح نهب وتهريب المال العام).
2 - الاستبداد يتغذى على الجهل :
من مصلحة اي نظام سياسي ينبني على الاستفراد والاستبداد بالقرار السياسي والاقتصادي ويحتكر المجالات العسكرية والدينية...ان ينتعش الجهل والامية...في اوساط الشعب. ولا اظن نظامنا السياسي يخرج عن هذه القاعدة.
فاذا كان اصلاح التعليم رهينا، اولا وقبل كل شيء، بتوفر الارادة السياسية، فان تدمير المدرسة العمومية ايضا نتاج ارادة سياسية.
ان كل مشاريع الاصلاح التي طالت المنظومة التعليمية خرجت من المطبخ السياسي للنظام. وكل المجالس واللجان التي اشرفت على صياغة السياسة التعليمية خرجت من رحم النظام السياسي. واذا كان هذا الاخير نفسه يعترف بفشل المنظومة التعليمية فهل لديه الجراة لتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية جراء هذا الفشل؟( اعمالا لقاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة!)
ان الاجهاز على المدرسة العمومية واستهداف "مجانيته" من شانه الضرب بشعارات التعميم والجودة "المدرسة قاطرة التنمية" وتكافؤ الفرص....عرض الحاءط.
ولا ينبغي بعد ذلك ان نستغرب تفاقم مشاكل انتشار الجريمة والانحراف وتعاطي المخدرات و"الكفر" بالوطن.
لن نستغرب اذن حين نقرا خبرا مفاده سعي الدولة لبناء 37 مؤسسة سجنية في افق 2018 بميزانية تقارب 140 مليار سنتيم ).
3- يقال ان مصائب قوم عند قوم فوائد:
على ايقاع فقدان الاسر ثقته في المدرسة العمومية استغل الكثيرون هذا الامر. فبدات تتناسل المدارس الخصوصية كالفطريات. فصارت المدرسة الخصوصية (مع انها ليست افضل حالا من المدرسة العمومية) مشروعا يدر على اصحابه ارباحا كبيرة. ولا شك ان هذا اللوبي (الذي يستثمر في التعليم) ليس من مصلحته ان تقوم للمدرسة العمومية قائمة.
وداخل المدرسة العمومية نفسها سنجد مدرسين- مدرسات " خوصصوا التعليم قبل ان تفعل الدولة (عن ظاهرة الساعات الخصوصية اتحدث).
فما هي تكلفة هذا التدمير الممنهج؟
" اذا كنت تعتقد ان تكلفة التعليم باهظة فلتجرب الجهل". كما قال محام امريكي.
ان تكلفة التجهيل المادية تكمن في اهدار الفرص تلو الاخرى لتحقيق نهضة شاملة تستهدف الانسان اولا وقبل كل شيء. اليست الدول التي تقدمت هي تلك التي امنت باهمية الرسمال البشري؛ ومنحت لشعوبها الامكانات المادية والمعنوية للابداع والاسهام في تنمية الوطن؟ فكيف اذن تستثمر الدول الصاعدة في تعليم ابناءها وبناتها وتعتبره اقدس المقدسات بينما تعتبرونه انتم عبئا
ثقيلا على كاهل الدولة وجب التخلص منه؟ هل اعمتكم مصالحكم الشخصية والضيقة الى هذا الحد ففقدتم القدرة على النظر ابعد من اقدامكم.
لا تستغربوا ان صنعتم- بسياساتكم العمياء- اجيالا حاقدة. عليكم، على نفسها؛ على "الوطن" (اليس احراق الذات اشد انواع "الكفر" بالحياة؛ واكبر تجسيد للياس؟).
لا تتتعجبوا وانتم ماضون في تفريق المغرب الى مغربين- بتنفيذكم لمخططات فاشلة- :مغرب الفيلات ومغرب الكاريانات.
الطامة الكبرى ان البؤساء لن يتركوكم تهناؤون بالعيش الكريم، طال الزمن او قصر. ولكم في التاريخ عبرة يا اولي الالباب!
إسماعيل فايز