جمعية تواصل لتنمية التكنولوجيا مراكش
إلى
السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني
إلى
السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني
سلام تام بوجود مولانا الإمام
وبعد ، لقد انطلق موسم تصريف التدابير ذات الأولية من خلال الأجرأة الفعلية للرؤية الإستراتيجية 2015 – 2030 بنفس الممارسات التدبيرية للموسمين الفارطين وذلك بتكليف أساتذة التكنولوجيا الصناعية لتدريس الرياضيات والفيزياء لتجاوز سوء تدبير القطاع لموارده البشرية دون احترام مبدأ التخصص الذي تشتغل عليه المراكز الجهوية للتربية والتكوين .
لقد أشار التقرير الذي أعدته الهيئة الوطنية للتقييم حول التطبيق العملي للميثاق الوطني للتربية والتكوين والبحث العلمي ] 2000 – 2013[ على أن المدرسة المغربية لا تزال تعاني من اختلالات مزمنة رغم المكتسبات الإيجابية التي تحققت ، وتتجلى هذه الاختلالات على مستوى محدودية المردودية الداخلية للمدرسة المغربية من خلال ضعف التمكن من اللغات والمعارف والكفايات والقيم وكذا محدودية نجاعة أداء الفاعلين التربويين وما يعانيه التكوين الأساس والمستمر من نقائص من جهة ، ومحدودية المردودية الخارجية للمدرسة المغربية من خلال صعوبات الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والقيمي للخريجين ، زيادة على محدودية انفتاح وتفاعل المدرسة مع محيطها وقصور قدرتها على المواكبة السريعة والملاءمة لتحولات محيطها المحلي وإدماج مستجداته .
السيد الوزير ، إذا كانت الرؤية الإستراتيجية 2015 – 2030 تقوم على إنصاف المتعلمين وإرساء تكافؤ الفرص بينهم من خلال تجويد العرض التربوي في شموليته بدء بمراجعة المناهج التربوية ومعالجة إشكالية الاكتظاظ وتيسير استعمال الموارد الرقمية لدعم تملك المعارف والتمكن المتقدم من القدرات المهارية الضرورية بتجهيز قاعات الدرس بالعتاد المعلومياتي الكافي عوض الاقتصار على قاعات جيني المغلقة في وجه الأساتذة وذلك باعتماد مدخل الكيف عوض الكم ، فإن إقدام النيابات الإقليمية على تكليف أساتذة التكنولوجيا الصناعية بتدريس الرياضيات والفيزياء يتعارض كليا مع هذه الاختيارات الإستراتيجية لرؤية المجلس الأعلى بخصوص تقويم الاختلالات الداخلية والخارجية للمدرسة المغربية . فكيف سيتحقق الإنصاف في ظل وضعية قائمة على إلغاء تدريس مادة التكنولوجيا وتكليف أساتذتها بتدريس مادتي الرياضيات والفيزياء ؟ وكيف سيتحقق تجويد العمل التربوي للمدرسين من خلال تكليف أستاذ درس لسنوات عديدة مادة تخصصه والمتجلية في التكنولوجيا الصناعية ليدرس الرياضيات أو الفيزياء ؟ وكيف سنحقق تكافؤ الفرص في ظل تدبير لا يهتم إلا بتوفير قاعة وسبورة سوداء وأستاذ لسد الخصاص بحجة المواد المتآخية ؟
السيد الوزير ، يقوم البرنامج التعليمي لمادة التكنولوجيا الصناعية على وحدات دراسية مرتبطة بأدوات التحليل الوظيفي المستعملة داخل المقاولات لتلبية الحاجيات الاستهلاكية والرسم الصناعي والمناظم الآلية بشقيها المكبل والمبرمج والطاقات المتجددة والنمذجة الوظيفية للمناظم المتعددة التكنولوجيات والروبوتيات التربوية ، فأين يتجلى هذا التآخي بين هذه الوحدات الدراسية ومادتي الرياضيات والفيزياء ؟ وإذا كان هذا التآخي قائم فعلا ، فلماذا لا تقوم وزارة التربية الوطنية بتكوين أساتذة وفق حقول معرفية أكثر شمولية ليصبح لدينا أستاذ للعلوم والتقنيات قادر على تدريس الرياضيات والفيزياء والتكنولوجيا وعلوم الحياة والأرض وأستاذ اللغات يدرس الفرنسية والإسبانية والأنجليزية وأستاذ ... خطوة إجرائية ليست بالشيء السهل على مستوى التفعيل لا لشيء سوى لضرورة احترام مبدأ التخصص القائم على مجالي التخصص المعرفي الصرف وديداكتيك المادة الدراسية .
السيد الوزير ، إذا كان مفهوم التآخي قائم بين مادة التكنولوجيا الصناعية ومادتي الرياضيات والفيزياء ، فهل يستطيع أساتذة الرياضيات والفيزياء تدريس التكنولوجيا الصناعية ؟ بالطبع يستحيل ذلك . إن تشجيع مثل هذا التدبير يقضي على آمال تعميم التكنولوجيا الصناعية بالمؤسسات الإعدادية المغربية التي أقرها النظام التربوي منتصف السبعينيات بمناظرة إفران حول التعليم بالمغرب ، ويكرس تدني مستوى المغرب في امتلاك أبناءه للمبادئ الأساسية المتعلقة بالرياضيات والعلوم بصفة عامة . فكيف سيصبح هذا المستوى المتدني أصلا بأساتذة متخصصين ومتمرسين عند إسناد مهمة تدريس الرياضيات والفيزياء لأساتذة التكنولوجيا الصناعية ؟
السيد الوزير ، إن التعليم التقني بصفة عامة هو امتداد لمادة التكنولوجيا الصناعية بالثانوي التأهيلي ، وعلى أن المادة الوحيدة التي يمكن أن تساهم بشكل واضح في تمكين المتعلمين من المبادئ الأولية للعلوم والتقنيات بشقيها الكهربائي والحيلياتي ، ودعم التوجيه نحو المسالك الصناعية للباكلوريا المهنية والتعريف بمختلف المهن الصناعية على الخصوص ما تعلق بصناعة السيارات والإليكترونيك والطاقات المتجددة والقطاع الفلاحي والروبوتيات والآليات ...هي مادة التكنولوجيا الصناعية .
السيد الوزير ، إن الوضع النفسي الذي يعيشه أساتذة التكنولوجيا بنيابات فاس وسلا والرباط وطنجة على الخصوص يدعو فعلا للقلق في ظل الضغوطات التي تمارسها النيابات الإقليمية عليهم والتي وصلت في بعض الحالات إلى التهديد بالانقطاع عن العمل والمجالس التأديبية والفصل . إن الاستقرار النفسي لبنة أساسية من لبنات التأسيس لتجويد العملية التعليمية التعلمية في شموليتها ، وخطوة أساسية لتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص وتجويد العرض التربوي التي تقوم عليه الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030 . فهل يمكن أن تتحقق هذه المبادئ في ظل وضعية غير منصفة للأستاذ أولا ؟ وكيف سنراهن على تحسين مستوى تلامذتنا في الرياضيات والعلوم بتكليف أساتذة غير متخصصين للقيام بهذه المهمة التربوية المعقدة ؟
السيد الوزير ، إن الاهتمام بتطوير المهارات الذهنية واليدوية والفنية للمتعلمين وتنمية الإبداع والابتكار في المناهج التعليمية من أجل الاكتشاف المبكر للميولات المهنية لن يتحقق إلا إذا استطاع التلميذ أن يجد لتعلماته في الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض واللغات معنا حقيقيا ، الشيء الذي يتحقق من خلال الأنشطة التعلمية التي توفرها التكنولوجيا الصناعية والقائمة على حركية المتعلم وإنجازه ومناولته لمناظم تقنية نفعية . ولعل المستوى الذي وصلت إليه المسابقة التلاميذية المؤطرة في الروبوتيات التربوية والتي تم إدراجها ضمن مباريات التميز لخير دليل على ضرورة دعم تدريس التكنولوجيا الصناعية والعمل على تعميمها تدريجيا وتمكين أساتذتها من الوسائل الكفيلة بتحقيق تربية تكنولوجية للجميع قائمة على الجودة والإنصاف وتكافؤ الفرص عوض تكليفهم لسد الخصاص التي تعاني منه الرياضيات والفيزياء .
السيد الوزير ، نتمنى صادقين ، أن تتدخلوا لتقويم الوضع الذي يعيشه أساتذة التكنولوجيا والحد من هذه الظاهرة التي تضر الرياضيات والفيزياء أولا وتقلل من قيمة التكنولوجيا الصناعية كمادة دراسية حيوية يحبها التلاميذ بدون استثناء لضمان توفير ظروف جيدة لممارسة الفعل التربوي وتحقيق الأهداف التي تسعون لتحقيقها . وتقبلوا السيد الوزير فائق تقديرنا واحترامنا . والسلام
عبدالكريم المراكشي
جمعية تواصل لتنمية التكنولوجيا