CNDH : آلاف الملايير لم تُفلح في إصلاح التعليم المغربي

لمْ تُفْلح 3 آلاف مليار سنتيم التي صُرفتْ على "المخطط الاستعجالي" لإصلاح المنظومة التعليمية، والذي تمّ تطبيقه ما بيْن سنتي 2009 و 2010، في عهد وزير التربية الوطنية السابق، أحمد اخشيشن، في تحقيق النتائج المرجوّة؛ ذاك ما خلُصَ إليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرة حوْل مساهمته في النقاش العمومي حوْل إصلاح منظومة التعليم.

وأجْملتْ مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوْجُهَ القصور والاختلالات التي تعاني منها المنظومة التعليمية المغربية في سبْعة أسباب، يأتي على رأسها عدَمُ المساواة في الولوج إلى التعليم، إذْ ما تزال فئات من الأطفال المنتمين إلى الفئات الفقيرة القاطنين في الأحياء الهامشية في الحواضر، والأطفال في وضعية إعاقة يعانون من عدم المساواة في الولوج إلى تعليم ذي جوْدة.

وبيْنما يعاني أطفال الأحياء الهامشية في الحواضر من عدم المساواة في نيْل حقّ التعليم، فإنّ الفتيات يُعانين أكثر من غياب المساواة في هذا الحق، ففيما تصل نسبة المساواة بين الجنسين في الحواضر إلى 91 في المائة، فإنّهالا تتعدّى في العالم القروي 55 في المئة.

وفي ظلّ استمرار عدم المساوة في الولوج إلى التعليم، خلُص المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أنّ المدرسة المغربية تبقى، إلى حدّ كبير، "فضاء لإعادة إنتاج الفوارق الاجتماعية، ولا تساهم بما يكفي في تجديد النخب"، واستندَ المجلسُ في ذلك على نتائج البحث الوطني حول الحركية الاجتماعية بين الأجيال لسنة 2011، والذي جاء فيه أنّ الارتقاء الاجتماعي في العالم القروي لا يتعدّى 14% بينما يصل في الحواضر إلى 51%.

ويُعتبر تأخّر التعليم الأولي من أوْجه القصور والاختلالات الرئيسية في المنظومة التعليمية المغربية، وتقول مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إنّ التعليم الأولي في المغرب يعاني من التشتت، بسبب تعدّد المتدخّلين وعدم التنسيق فيما بينهم، واعتماد ممارسات تربوية متناقضة لا تنصهر ضمن بارديغمات تعليمية مشتركة، في ظلّ توزع أساليب التدريس بين ما هو تقليدي (المسيد أو الكتّاب)، والتعليم العصري الموجّه للطبقات المتوسطة والميسورة.

ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنّ الطاقة الاستيعابية المحدودة للتعليم الأولي، والتي لا تتعدّى 700 ألف طفل، ما بين سنتي 2010 و 2011، تجعله يبقى بعيدا عن تحقيق هدف التعميم، الذي ينصّ عليه الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛ وفضلا عن طاقته الاستيعابية المحدودة، يظلّ عاملُ التركّز في المناطق الحضرية، وانخفاض معدّلات تمدرس الفتيات في الكتاتيب بالعالم القروي، والذي لا يتعدى 39% من بيْن الأسباب التي تجعل التعليم الأولي لا يبلغ أهدافه.

من بين أوجه القصور الأخرى التي تعاني من منها المنظومة التعليمية في المغرب، استمرار الأمية وضعفُ معدلات مواصلة الدراسة (الهدر المدرسي)، وهو ما يؤدّي إلى ارتفاع عدد الشباب الأميين؛ فبيْنما حددَ الميثاق الوطني للتربية والتكوين هدفَ 80 في المائة من التلاميذ الذين يتمكنون من بلوغ السنة النهائية من التعليم الإلزامي، فإنّ النسبة المسجّلة في الوقت الراهن لا تتعدّى 46 في المائة.

وليْسَ وضعُ التعليم العالي أفضل حالا، فعلى الرغم من أنّ الإصلاح الجامعي الذي انطلق منذ سنة 2003، حقّق العديد من المكتسبات، على المستوى المؤسساتي والبيداغوجي، وعلى مستوى بنية وحَكامة البحث العلمي -حسب مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان- "إلا أنّ ثمارَ هذا الإصلاح لا تزالُ بعيدة عن الخروج بهذا القطاع من الاختلالات المزمنة التي عانى منها طيلة عقود مَضت".

وعدّدَ المجلس أوجَه القصور في التعليم العالي في ضعف عدد الطلبة المسجلين في أسلاك التعليم العالي مجتمعة، والتي لم تتجاوز، سنة 2010 ما مجموعه 447.000 طالبا، وتقول مذكّرة المجلس إنّ أوْجُه القصور تظهر جليّة عند مقارنة المغرب بالدول المغاربية ودول العالم العربي الأخرى، حيث تحتلّ الجامعة المغربيّة إحدى المراتب المتأخرة بنسبة 15 طالباً لكلّ ألف نسمة، في حين تصل النسبة في تونس إلى 34، وفي الأردن إلى 40 طالبا لكل ألف نسمة.

ولا يشمل القصور الذي يعرفه التعليم العالي ضعف عدد الطلبة فحسْبُ، بلْ يطالُ أيضا تقلّص الأساتذة الجامعيين؛ ففيما سُجّل بعض الارتفاع في نسبة أعداد الطلبة، ابتداء من سنة 2010، بفضل تزايد عدد الحاصلين على شهادة البكالوريا، سجّل عدد الأساتذة الباحثين انخفاضا بنسبة 3.6% بين سنتي 2005 و 2009، لينخفض العدد من 14.416 إلى 13.909 أستاذ، في حين تمّ في كل دول العالم العربي تسجيل ارتفاعٍ سريع لعدد العاملين في القطاع.


عن موقع هسبريس
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات