أسر مغربية تنفقُ زهاء نصف مداخليها على تربية الأبناء

إنجابُ الأطفال وتربيتهم في المغرب باتَا أمرين مكلفين، بدءً من مصاريفِ الولادة، وتأمين مهد المولُود وحفاضاته، وصُولا إلى ضمان تعليمٍ يضمنُ حُظوتهم مستقبلا، في ظلِّ انحدار النظام التعليمي العمُومِي بالمغرب. حتى أنَّ أسرا مغربية تنفقُ ما بين 20 وَ50 في المائة من مواردها الماليَّة على تربية أبنائها.

مسحٌ قامتْ به صحيفة "لافي إيكُو" الاقتصاديَّة كشفَ أنَّ أسرًا من الطبقة المتوسطة في المغرب، قدْ تنفقُ على استقبال المولود ما متوسطهُ عشرُون ألفَ درهم، سيما أنَّ عربات للأطفال يتراوحُ ثمنها ما بين 3 آلاف وَ12 ألف درهم، بالنسبة إلى بعض الماركات.

فئة منْ الطبقة المتوسطة المرتاحة، التي يتراوحُ دخلها ما بينَ 20 وَ60 ألف درهم شهريًّا في المغرب، تنفقُ على الطفل خلال سنواته الثلاث الأولى، 50 ألف درهم على الأقل، أوْ أزيد منْ أربعة آلاف درهم للشهر الواحد. على أنَّ تلك المصاريف تؤُول إلى مناح مختلفة.

الجانب الأوَّل يتعلقُ بالتغذية، التِي تكلفُ 300 درهم في الشهر على الأقل، حيثُ إنَّ الطفل يستهلكُ، وفقا لعمره، ما بين ثلاث إلى خمس علب مسحوق الحليب، الذِي يصلُ ثمن بيعه العمومي إلى 65 درهم للعلبة. قبل أنْ يشرعُ ابتداءً من عامه الأوَّل في شرب الحليب العادي، دون إغفال حبوب سيريلاك والياغورت.

أمَّا في الجانب المتعلق بالنَّظافة، فتشير التقديرات إلى استلزام الرضيع حواليْ 6 آلاف حفَّاظة في صغره، على أنَّ تأمين حفاضات تلقى بعد الاستعمال مرة واحدة من جودة عالية، علبًا يتراوحُ ثمنها الوحدة ما بينَ 110 إلى 160 درهم، حتى أنَّ الآباء يوفرُون للحفاظات نحو 500 درهم كلَّ شهر.

زيادة على ذلك تكلفُ زيارةُ طبيب مختص في أمراض الأطفال 250 درهم للاستشارة، تنضافُ إليها اللقاحات والأدوية، وهو ما يضطرُّ أسر الطبقة المتوسطة إلى أنْ تصرف عليها 2000 درهم كلَّ ثلاثة أشهر، قبل أنْ تنضاف مصاريفُ الحضانة، التي تستأثرُ بأزيد منْ 60 بالمائة منْ الميزانيَّة الشهريَّة.

أمَّا عمل المرأة وتواجد الآباء خارج البيت، وتغير العادات الاجتماعيَّة بما لمْ تعد معه الجدة قادرة في كثير من الحالات بالمغرب على الإبقاء على الطفل عندها، فزاد مصاريف أخرى حيث صار الوالدان مضطرَّان إلى البحث عن حضانة.

ثمن التسجيل السنوي في الحضانة يتراوحُ بين 4 آلاف وَ6 آلاف درهم، على أنَّ ما يدفع شهريًّا قدْ يصلُ إلى 2500 درهم، كما أنَّه خلال فترات العطل المدرسيَّة تكلفُ الحضانة في المؤسسات نفسها لاستقبال الطفل، ما قدْ يصلُ إلى ألف درهم يجرِي دفعها مسبقًا.

ولأنَّ آباء مغاربة لا يستطيعُون استقدام أبنائهم ما بين الواحدة والثانية بعد الزوال، بسبب انهماكهم في العمل، فإنَّهم يضطرُّون إلى أنْ يدفعُوا لهم أقساط المطعم المدرسي، الذِي قدْ يصلُ في بعض المدارس إلى 1200 درهم شهريًّا. كما أنَّ رحلات مدرسيَّة يجرِي تنظيمُها بـ 2500 درهم على مدى خمسة أيَّام.

بيدَ أنَّ المصاريف الكبرى تبدأ مع فترة المراهقة، حتى أنَّ أسرًا من الطبقة المتوسطة، تنفقُ على الابن مائة ألف درهم في السنة، أيْ 8500 درهم في الشهر، يذهبُ ثلثاها إلى التدريس، دون إغفال المصاريف الأخرى المتعلقة بالدراسة مثل الحاسوب، أوْ اضطرار الابن إلى التنقل صوب مدينة ثانية لمواصلة الدراسة، حيثُ يصير في حاجةٍ إلى سكن، ومأكل وملبس.

لكنَّ عمد آباء كثر إلى تدريس أبنائهم في المؤسسات الخاصة عوض المدارس العموميَّة، ليس دائمًا بباعث الحرص على مستقبل الابن والاستثمار في مستقبله، كما يوضحُ الباحثُ في علم الاجتماع، محسن بنزاكُور، حيثُ قدْ تكون تلك المصاريف المرتفعة موجهةً في بعض الأحيان بغرض للتباهِي، وهو المعطى ذاته الذِي ينسحبُ على الملابس والترفيه المقدم للأطفال.


عن موقع هسبريس
تربية بريس
تربية بريس
تعليقات