إصلاح منظومة التربية والتكوين لن يرى النور إلا في مارس 2015 لن يبتعد في أفكاره ومخططاته عما جاء به المخطط الاستعجالي
لن يخرج مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين إلا في مارس من سنة 2015. هذه هي الخلاصة التي توصل إليها المشاركون في اللقاء التشاوري الذي دعت إليه وزارة التربية والتعليم في غضون الأسبوع الماضي بحضور نواب الوزارة ومدراء الأكاديميات الجهوية والمدراء المركزيين. لقاء كشف كيف أن مشروع الإصلاح، الذي يبشر به رشيد بلمختار، لن يبتعد كثيرا في أفكاره وأهدافه، عما جاءت به مشاريع المخطط الاستعجالي، وما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
بدأ الحديث بين المقربين من وزير التربية والتعليم السيد رشيد بلمختار على أن الإصلاح، الذي تنتظره منظومة التربية والتكوين، لن يعرف النور إلا في غضون الموسم الدراسي المقبل. وهو ما يعني أن الوضع التعليمي سيظل على ما هو عليه.
وخلص المتتبعون إلى هذا الأمر بعد أن عقدت وزارة بلمختار في غضون الأسبوع الماضي لقاء بقاعة الاجتماعات التابعة للوزارة، والذي سمته بالمشاورات التي أطقتها، حيث حضر مسؤولو النيابات التعليمية، ومدراء الأكاديميات الجهوية بمعية المدراء المركزيين. وهو اللقاء الذي أرادت من خلاله وزارة التربية والتعليم أن تستمع لأهل التربية والتعليم للتداول في الأفكار التي يمكن أن يحملها مشروع الإصلاح. وهي أفكار يقول بعض الذين حضروا أشغال هذا اللقاء، إنها لا تختلف في عمقها عما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي اعتبر منذ تم تنزيله بمثابة «دستور الإصلاح التربوي والنظام التعليمي في المغرب الجديد».
أجمع كل الذين حضروا اجتماع الأسبوع الماضي الذي خصصه بلمختار للتداول في الأفكار الكبرى التي يجب أن يحملها الإصلاح، على أن الميثاق الوطني هو منظومة إصلاحية تضم مجموعة من المكونات والآليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا التعليمي والتربوي وتجديده على جميع الأصعدة والمستويات، قصد خلق مؤسسة تعليمية مؤهلة وقادرة على المنافسة والانفتاح على محيطها السوسيواقتصادي، ومواكبة لكل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة، والتأقلم مع كل التطورات العلمية. لذلك تصبح العودة لأفكاره الكبرى هي السبيل لتحقيق كافة الغايات والأهداف المرسومة من أجل مدرسة ذات جودة.
في كل محطات النقاش التي عشناها مع جلسات الاستماع، التي عقدها الوزير بلمختار، أو تلك التي ظل ينظمها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي الذي انتهى أخيرا من قراءة حصيلة الاستمارة التي كان قد وضعها رهن إشارة عدد من المتدخلين في القطاع، نكتشف كيف أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يجب أن يكون هو المرجع في أية عملية إصلاح.
في نقاشات آخر لقاء، انتهى المشاركون إلى الباب المسدود بعد أن فشل منشطو الورشات، في التعاطي مع ملاحظات واقتراحات أهل التربية والتكوين كما يجب. كما فوجئوا أن التصور الذي تريده وزارة السيد بلمختار لإصلاح المنظومة، لن يكون جاهزا إلا في غضون مارس من السنة القادمة، خصوصا وأن الحديث ظل منكبا على محاولات تقييم مشاريع المخطط الاستعجالي، وطرح الأسئلة عن الأسباب الحقيقية التي لم تسعف الميثاق الوطني للتربية والتكوين، لكي يعرف النجاح الذي انتظره كل الذين توافقوا حوله.
ومن المحطات المثيرة في نقاش لقاء الأسبوع الماضي ما عبر عنه السيد عبد العظيم الكروج، وهو يرى أن واحدا من مشاريع المخطط الاستعجالي التي قيل إنها حققت نسبة نجاح فاقت السبعين في المائة، وهو مشروع التوجيه، فشل فقط لأن تعليمنا وصل إلى ما وصل إليه بسبب فشل التوجيه أساسا. لذلك بدا أن المجتمعين عادوا للنقاش حول نفس القاضايا ونفس الاختيارات سواء تلك التي جاء بها المخطط الاستعجالي، أو تلك التي ظل ينادي بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وجد المجتمعون في اللقاء التشاوري أن المجالات التي نادى بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، هي نفس المجالات التي يمكن أن يحملها مشروع الإصلاح الذي تنادي به وزارة بلمختار.
إنه نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، والتنظيم البيداغوجي.
والرفع من جودة التربية والتكوين. والاهتمام أكثر بالموارد البشرية، وتفعيل الحكامة فيما يتعلق بالتسيير والتدبير. مع إيلاء العناية اللازمة لقضايا الشراكات.
نفس الأمر حينما نستحضر ما ينادي به المخطط من مبادئ وثوابت، وما يراهن عليه من غايات عنوانها الأكبر هي جعل المتعلم محور الإصلاح والتغيير عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري، وذلك بتلبية حاجياته الذهنية والوجدانية والحركية. والعمل على تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرة كفأة قادرة على الإبداع والتجديد وتنمية البلاد. مع جعل المدرسة المغربية مدرسة منفتحة سعيدة مفعمة بالحياة والتنشيط، وجعل الجامعة منفتحة وقاطرة للتنمية. وينبغي أن تكون المؤسسات التربوية سواء أكانت مدارس أم جامعات فضاء للحريات والحقوق الإنسانية وأمكنة للحوار والتعلم الذاتي. ولابد من شراكة حقيقية مع الجماعات المحلية والآباء وأولياء الأمور والشركاء الآخرين للمساهمة في النهوض بالقطاع التعليمي قصد تحقيق الجودة والتعميم وإجبارية التمدرس. ومن ثم، سيكون الإصلاح التربوي أهمية وطنية كبرى يحقق نتائجه بشكل مرحلي متدرج خاضع للمراقبة والتقويم والتتبع.
أما في شق التنظيم البيداغوجي، فقد أجمع الحاضرون على ضرورة إصلاح هذا التنظيم، وتغييره عن طريق إعادة الهيكلة وتنظيم أطوار التربية والتكوين ابتداء من التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي والجامعي عن طريق تنظيم أسلاك التعليم وشعبه وشواهده وأهدافه ومضامينه وأساليب تقويمه. كما يستتبع الإصلاح البيداغوجي إصلاح أنظمة التقويم والمراقبة المستمرة والتتبع والمراقبة بموازاة مع إصلاح التوجيه التربوي والمهني.
أما الرفع من جودة التربية والتكوين، فيجب أن يتم عبر مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية، وتدبير بشكل أفضل لاستعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية، وتحسين تدريس اللغة الأمازيغية واستعمالها، وإتقان اللغات الأجنبية من أجل امتلاك مفاتيح وآليات العلم والمعرفة والتكنولوجيا والتفتح، دون أن ننسى الاستعمال الأمثل والوظيفي للتكنولوجيات الجديدة والإعلام والتواصل، وتشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي وإنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية. هكذا تداول المجتمعون قضايا الإصلاح الذي نريده للمدرسة المغربية، وهم يستحضرون بعض مشاريع المخطط، التي لم تحقق أي تقدم كما هو حال مشروع المناهج التي لم تعرف أي تعديل، أو مشروع اللغة الذي يعتبره الكثيرون حساسا وفي حاجة لقرار سياسي أكثر منه تقني أو إداري. لذلك تمنى أهل التربية والتكوين أن يضع مشروع الإصلاح كل هذه الملاحظات بعين الاعتبار لكي لا نعود ثانية لما سماه البعض «مخطط استعجالي بيس»، أو ميثاق وطني للتربية والتكوين مكرر. أما الخلاصات الكبرى، والتي حاول بعض مسيري الورشات القفز عليها رغم قيمتها، فهي أن قطاع التربية والتكوين لم يعد في حاجة للتوافق لأن ذلك ضد الديمقراطية. أما البديل، فهو وضع قانون توجيهي لقطاع التربية والتعليم يجب أن يحترمه كل المتدخلين.
غير أن تأجيل كل هذا الحلم الذي راود المهتمين والمتتبعين إلى مارس من السنة القادمة، يعني أننا سنقطع سنة دراسية بيضاء.
عن جريدة المساء العدد : 2355 - 22/04/2014
لن يخرج مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين إلا في مارس من سنة 2015. هذه هي الخلاصة التي توصل إليها المشاركون في اللقاء التشاوري الذي دعت إليه وزارة التربية والتعليم في غضون الأسبوع الماضي بحضور نواب الوزارة ومدراء الأكاديميات الجهوية والمدراء المركزيين. لقاء كشف كيف أن مشروع الإصلاح، الذي يبشر به رشيد بلمختار، لن يبتعد كثيرا في أفكاره وأهدافه، عما جاءت به مشاريع المخطط الاستعجالي، وما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
بدأ الحديث بين المقربين من وزير التربية والتعليم السيد رشيد بلمختار على أن الإصلاح، الذي تنتظره منظومة التربية والتكوين، لن يعرف النور إلا في غضون الموسم الدراسي المقبل. وهو ما يعني أن الوضع التعليمي سيظل على ما هو عليه.
وخلص المتتبعون إلى هذا الأمر بعد أن عقدت وزارة بلمختار في غضون الأسبوع الماضي لقاء بقاعة الاجتماعات التابعة للوزارة، والذي سمته بالمشاورات التي أطقتها، حيث حضر مسؤولو النيابات التعليمية، ومدراء الأكاديميات الجهوية بمعية المدراء المركزيين. وهو اللقاء الذي أرادت من خلاله وزارة التربية والتعليم أن تستمع لأهل التربية والتعليم للتداول في الأفكار التي يمكن أن يحملها مشروع الإصلاح. وهي أفكار يقول بعض الذين حضروا أشغال هذا اللقاء، إنها لا تختلف في عمقها عما حمله الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي اعتبر منذ تم تنزيله بمثابة «دستور الإصلاح التربوي والنظام التعليمي في المغرب الجديد».
أجمع كل الذين حضروا اجتماع الأسبوع الماضي الذي خصصه بلمختار للتداول في الأفكار الكبرى التي يجب أن يحملها الإصلاح، على أن الميثاق الوطني هو منظومة إصلاحية تضم مجموعة من المكونات والآليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا التعليمي والتربوي وتجديده على جميع الأصعدة والمستويات، قصد خلق مؤسسة تعليمية مؤهلة وقادرة على المنافسة والانفتاح على محيطها السوسيواقتصادي، ومواكبة لكل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة، والتأقلم مع كل التطورات العلمية. لذلك تصبح العودة لأفكاره الكبرى هي السبيل لتحقيق كافة الغايات والأهداف المرسومة من أجل مدرسة ذات جودة.
في كل محطات النقاش التي عشناها مع جلسات الاستماع، التي عقدها الوزير بلمختار، أو تلك التي ظل ينظمها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي الذي انتهى أخيرا من قراءة حصيلة الاستمارة التي كان قد وضعها رهن إشارة عدد من المتدخلين في القطاع، نكتشف كيف أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يجب أن يكون هو المرجع في أية عملية إصلاح.
في نقاشات آخر لقاء، انتهى المشاركون إلى الباب المسدود بعد أن فشل منشطو الورشات، في التعاطي مع ملاحظات واقتراحات أهل التربية والتكوين كما يجب. كما فوجئوا أن التصور الذي تريده وزارة السيد بلمختار لإصلاح المنظومة، لن يكون جاهزا إلا في غضون مارس من السنة القادمة، خصوصا وأن الحديث ظل منكبا على محاولات تقييم مشاريع المخطط الاستعجالي، وطرح الأسئلة عن الأسباب الحقيقية التي لم تسعف الميثاق الوطني للتربية والتكوين، لكي يعرف النجاح الذي انتظره كل الذين توافقوا حوله.
ومن المحطات المثيرة في نقاش لقاء الأسبوع الماضي ما عبر عنه السيد عبد العظيم الكروج، وهو يرى أن واحدا من مشاريع المخطط الاستعجالي التي قيل إنها حققت نسبة نجاح فاقت السبعين في المائة، وهو مشروع التوجيه، فشل فقط لأن تعليمنا وصل إلى ما وصل إليه بسبب فشل التوجيه أساسا. لذلك بدا أن المجتمعين عادوا للنقاش حول نفس القاضايا ونفس الاختيارات سواء تلك التي جاء بها المخطط الاستعجالي، أو تلك التي ظل ينادي بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وجد المجتمعون في اللقاء التشاوري أن المجالات التي نادى بها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، هي نفس المجالات التي يمكن أن يحملها مشروع الإصلاح الذي تنادي به وزارة بلمختار.
إنه نشر التعليم وربطه بالمحيط الاقتصادي، والتنظيم البيداغوجي.
والرفع من جودة التربية والتكوين. والاهتمام أكثر بالموارد البشرية، وتفعيل الحكامة فيما يتعلق بالتسيير والتدبير. مع إيلاء العناية اللازمة لقضايا الشراكات.
نفس الأمر حينما نستحضر ما ينادي به المخطط من مبادئ وثوابت، وما يراهن عليه من غايات عنوانها الأكبر هي جعل المتعلم محور الإصلاح والتغيير عن طريق رفع مستواه التحصيلي والمعرفي والمهاري، وذلك بتلبية حاجياته الذهنية والوجدانية والحركية. والعمل على تكوين أطر مستقبلية مؤهلة ومؤطرة كفأة قادرة على الإبداع والتجديد وتنمية البلاد. مع جعل المدرسة المغربية مدرسة منفتحة سعيدة مفعمة بالحياة والتنشيط، وجعل الجامعة منفتحة وقاطرة للتنمية. وينبغي أن تكون المؤسسات التربوية سواء أكانت مدارس أم جامعات فضاء للحريات والحقوق الإنسانية وأمكنة للحوار والتعلم الذاتي. ولابد من شراكة حقيقية مع الجماعات المحلية والآباء وأولياء الأمور والشركاء الآخرين للمساهمة في النهوض بالقطاع التعليمي قصد تحقيق الجودة والتعميم وإجبارية التمدرس. ومن ثم، سيكون الإصلاح التربوي أهمية وطنية كبرى يحقق نتائجه بشكل مرحلي متدرج خاضع للمراقبة والتقويم والتتبع.
أما في شق التنظيم البيداغوجي، فقد أجمع الحاضرون على ضرورة إصلاح هذا التنظيم، وتغييره عن طريق إعادة الهيكلة وتنظيم أطوار التربية والتكوين ابتداء من التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي والجامعي عن طريق تنظيم أسلاك التعليم وشعبه وشواهده وأهدافه ومضامينه وأساليب تقويمه. كما يستتبع الإصلاح البيداغوجي إصلاح أنظمة التقويم والمراقبة المستمرة والتتبع والمراقبة بموازاة مع إصلاح التوجيه التربوي والمهني.
أما الرفع من جودة التربية والتكوين، فيجب أن يتم عبر مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية، وتدبير بشكل أفضل لاستعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية، وتحسين تدريس اللغة الأمازيغية واستعمالها، وإتقان اللغات الأجنبية من أجل امتلاك مفاتيح وآليات العلم والمعرفة والتكنولوجيا والتفتح، دون أن ننسى الاستعمال الأمثل والوظيفي للتكنولوجيات الجديدة والإعلام والتواصل، وتشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي وإنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدنية المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية. هكذا تداول المجتمعون قضايا الإصلاح الذي نريده للمدرسة المغربية، وهم يستحضرون بعض مشاريع المخطط، التي لم تحقق أي تقدم كما هو حال مشروع المناهج التي لم تعرف أي تعديل، أو مشروع اللغة الذي يعتبره الكثيرون حساسا وفي حاجة لقرار سياسي أكثر منه تقني أو إداري. لذلك تمنى أهل التربية والتكوين أن يضع مشروع الإصلاح كل هذه الملاحظات بعين الاعتبار لكي لا نعود ثانية لما سماه البعض «مخطط استعجالي بيس»، أو ميثاق وطني للتربية والتكوين مكرر. أما الخلاصات الكبرى، والتي حاول بعض مسيري الورشات القفز عليها رغم قيمتها، فهي أن قطاع التربية والتكوين لم يعد في حاجة للتوافق لأن ذلك ضد الديمقراطية. أما البديل، فهو وضع قانون توجيهي لقطاع التربية والتعليم يجب أن يحترمه كل المتدخلين.
غير أن تأجيل كل هذا الحلم الذي راود المهتمين والمتتبعين إلى مارس من السنة القادمة، يعني أننا سنقطع سنة دراسية بيضاء.
عن جريدة المساء العدد : 2355 - 22/04/2014