بحكم انتمائي إلى حقل التربية والتعليم، كثيرا ما تستوقفني مضامين نماذج من مذكرات وزارتنا الوصية، لما تحبل به من أفكار تبدو قيمة وبناءة، قد تؤتي ثمارا طيبة، إذا ما تمت عملية الوضع في بيئة سليمة ، وابتعد السيد: "محمد الوفا" وزير التربية الوطنية عن تلك الخرجات ، لإيلائها ما تستحقه من بالغ الأهمية ...
ومن بين ذلك الزخم الكثيف من المذكرات المغرية فقراتها ب"الالتهام"، شئنا اليوم أن ننتقي تلك الصادرة، عن مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات -مصلحة الصحة المدرسية، بتاريخ: 7 شتنبر 2004، الموافق ل: 21 رجب 1425، تحت رقم: 110، حول موضوع: (الدفتر الصحي المدرسي والفحوصات الطبية المنتظمة)، وتكمن أهميتها في دعوتها الصريحة إلى المحافظة على الصحة المدرسية ، بإلزامها توفر كل تلميذ تطأ قدماه، لأول مرة في حياته أرض المدرسة ، على دفتر صحي مدرسي شخصي، كوثيقة أساسية ترتب في ملفه ، ويحفظ بعناية في رفوف معدة سلفا لذلك ، إلى أن تزور المدرسة لجنة طبية ، تستهدف التشخيص المبكر للحالات المرضية والمعيقات، التي من شأنها التأثير السلبي على عملية التمدرس، لاتخاذ الإجراء المناسب في حينه، أو عندما يجد التلميذ نفسه تحت ظرف قاهر، مضطرا إلى عيادة طبيب الصحة المدرسية، فيأخذه معه قصد الكشف عن وضعه الصحي، لتعبأ صفحاته بنتائج الفحوصات، وما يلزم من علاج مناسب. فضلا عن تيسير مأمورية مسؤولي المؤسسة التعليمية، في نهج الأسلوب الأمثل للتعامل معه ، سيما إذا كان مصابا بأحد الأمراض المزمنة: السكري، القلب، الربو...وإطلاع الأطباء والممرضين المشرفين على فحصه مستقبلا، بأدق تفاصيل إصابته ونوعها، لمواكبة حالته بدقة والحيلولة دون تفاقمها...
شيء رائع وجميل، أن تهتم حكومة السيد: ابن كيران في شخص فارسها الهمام، وزير التربية الوطنية السيد: الوفا بصحة ناشئتنا، والأروع والأجمل من ذلك كله، لو يتحول الاهتمام إلى حقيقة ملموسة تجسدها إرادة قوية كتلك التي جسدتها الزيادة في المحروقات، حين تستبدل:"ورقة زيارة الطبيب"، باستخدام الدفتر الصحي المدرسي وتفعيل دوره، أو أن تلحق به جميع الكشوفات والتحاليل الطبية بما فيها حتى المجراة خلال أيام العطل المدرسية، على اعتبار أن الصحة من أهم ركائز السلامة البدنية والنفسية، التي تشكل إلى جانب التعلم والمعرفة علاقة ثنائية وطيدة.. فأن يتمتع التلميذ بصحة جيدة، معناه القدرة على التحصيل الإيجابي، وترسيخ ثقافة العناية بنفسه وجسده في ذهنه، حتى يكون عنصرا حيويا في محيطه المدرسي والمجتمعي. ذلك أن أبحاثا علمية ارتكزت على عينات من التلاميذ في مختلف الأسلاك التعليمية، خاصة في السنوات الأولى من مستوى التعليم الأساسي، أثبتت أن من بين أكثر الأسباب رصدا، في تنامي ظاهرة التخلف والغياب، الهدر المدرسي، وضعف النتائج... تعود في معظمها إلى سوء التغذية والتدهور الصحي للمتعلم...
من هنا جاء التفكير في "العناية" بصحة التلميذ، منذ التحاقه بالمدرسة الابتدائية، إلى حين ولوجه فضاء الجامعات الوطنية، ولن يحظى طلب قبوله بالتعليم العالي، إلا بإحضار الدفتر الصحي كوثيقة رسمية ضمن وثائق التسجيل، بغض النظر عن عذريتها، التي تعطي الانطباع الزائف بطهارة الجسد من أي عبث مرضي . وإلا فإن الطالب يجد نفسه مجبرا، على اقتناء دفتر جديد بأي ثمن لندرة وجوده في نقط البيع بالمكتبات، ثم يعرضه على إدارة مؤسسته السابقة للتأشير عليه، والعودة إلى الكلية. وحسب بعض المصادر المطلعة، فقد سبق التوقيع على اتفاقيتي شراكة ، الأولى ثنائية بين: وزارتي الصحة والتربية الوطنية، والثانية ثلاثية، بينهما معا ووزارة الداخلية، في شأن دعم الصحة المدرسية، يستفيد بموجبهما المتعلم من ثلاثة فحوصات رسمية، على رأس كل ست سنوات من مشواره الدراسي، حيث يتم أول فحص طبي بالعام الأول من التعليم الأساسي ، والثاني عند ولوجه السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، فيما الثالث والأخير يجرى بين مدرجات الكليات في العام الأول أيضا... بيد أن ما يزعجنا، هو ما نلاقيه من ارتجال، إهمال مكشوف لحقوق التلميذ، وعدم مراعاة حاجياته التعليمية والصحية... فأمام ارتفاع أعداد التلاميذ بالمدارس العمومية، وقلة الأطباء والممرضين، يظل الدفتر الصحي مهملا وفارغا من أي شيء عدا اسم وصورة صاحبه أو صاحبته، تنهش أوراقه الأرضة.. والأدهى من ذلك كله، أن حالات إغماء مفاجئة ومتكررة تحدث في مناسبات عدة لنفس الأشخاص تمثل الإناث الأغلبية، كثيرا ما تستدعي تدخل سيارات الإسعاف، لحملها (أي الحالات) إلى المستشفيات بلا دفاتر صحية ولا مرافقين ، مما يتعذر معه الاطلاع على أي نوع من المعلومات، لتمكث بعيدة المنال، أسيرة سجلات المستعجلات. هذا يسوقنا إلى ما يعوز المؤسسات التعليمية من مصحات مجهزة، أو أماكن منعزلة للفحص بمواصفات لائقة، وإلى ممرضين مختصين... الشيء الذي يدفع بالحراسة العامة، إلى تسليم المرضى من تلامذتها مطبوعات "زيارة الطبيب"، وتركهم للمجهول بلا سند، عوامل شتى تضاعف آلامهم وأحزانهم، وتزيد من محن الأطر التعليمية والطبية على حد سواء. ناهيكم عن معاناة تلاميذ الداخليات من انعدام المراقبة الصحية الدورية، سوء التغذية والأمراض المعدية... ترى أين تصرف تلك الميزانيات المرصودة للمؤسسات؟ مشاريع وهمية تمتصها دون حسيب أو رقيب....
ومما سلف يمكن استنباط، أن التأمين الصحي بات ضرورة ملحة في بناء أسس متينة، تضمن عبورا ناجحا إلى ضفاف تنمية بشرية مستدامة، تعود بالنفع الشامل على الفرد والمجتمع، وأن الروح الوطنية العالية ، تستلزم استسهال الصعب من أجل ضمان مستقبل مشرق لناشئتنا، بث الحياة في الدفتر الصحي المدرسي، تعزيز سبل الوقاية من الأمراض ، والحرص على متابعة طبية حقيقية، بدل الاكتفاء بالحملات الوطنية العابرة وغير المجدية... ولن تتم بلورة ما نروم تحقيقه ، إلا عبر تضافر جهود الجميع ، توفير البنى التحتية والتجهيزات الضرورية، وتنظيم أنشطة وبرامج علمية حديثة، بما يحقق الارتقاء بمستوى التلميذ الصحي والمعرفي، والنهوض بمدرستنا العمومية حتى تتبوأ المكانة اللائقة بها بين مدارس العالم المتقدم. هل يعول على سيادة الوزير في اتخاذ القرار الأنسب؟...
ومن بين ذلك الزخم الكثيف من المذكرات المغرية فقراتها ب"الالتهام"، شئنا اليوم أن ننتقي تلك الصادرة، عن مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات -مصلحة الصحة المدرسية، بتاريخ: 7 شتنبر 2004، الموافق ل: 21 رجب 1425، تحت رقم: 110، حول موضوع: (الدفتر الصحي المدرسي والفحوصات الطبية المنتظمة)، وتكمن أهميتها في دعوتها الصريحة إلى المحافظة على الصحة المدرسية ، بإلزامها توفر كل تلميذ تطأ قدماه، لأول مرة في حياته أرض المدرسة ، على دفتر صحي مدرسي شخصي، كوثيقة أساسية ترتب في ملفه ، ويحفظ بعناية في رفوف معدة سلفا لذلك ، إلى أن تزور المدرسة لجنة طبية ، تستهدف التشخيص المبكر للحالات المرضية والمعيقات، التي من شأنها التأثير السلبي على عملية التمدرس، لاتخاذ الإجراء المناسب في حينه، أو عندما يجد التلميذ نفسه تحت ظرف قاهر، مضطرا إلى عيادة طبيب الصحة المدرسية، فيأخذه معه قصد الكشف عن وضعه الصحي، لتعبأ صفحاته بنتائج الفحوصات، وما يلزم من علاج مناسب. فضلا عن تيسير مأمورية مسؤولي المؤسسة التعليمية، في نهج الأسلوب الأمثل للتعامل معه ، سيما إذا كان مصابا بأحد الأمراض المزمنة: السكري، القلب، الربو...وإطلاع الأطباء والممرضين المشرفين على فحصه مستقبلا، بأدق تفاصيل إصابته ونوعها، لمواكبة حالته بدقة والحيلولة دون تفاقمها...
شيء رائع وجميل، أن تهتم حكومة السيد: ابن كيران في شخص فارسها الهمام، وزير التربية الوطنية السيد: الوفا بصحة ناشئتنا، والأروع والأجمل من ذلك كله، لو يتحول الاهتمام إلى حقيقة ملموسة تجسدها إرادة قوية كتلك التي جسدتها الزيادة في المحروقات، حين تستبدل:"ورقة زيارة الطبيب"، باستخدام الدفتر الصحي المدرسي وتفعيل دوره، أو أن تلحق به جميع الكشوفات والتحاليل الطبية بما فيها حتى المجراة خلال أيام العطل المدرسية، على اعتبار أن الصحة من أهم ركائز السلامة البدنية والنفسية، التي تشكل إلى جانب التعلم والمعرفة علاقة ثنائية وطيدة.. فأن يتمتع التلميذ بصحة جيدة، معناه القدرة على التحصيل الإيجابي، وترسيخ ثقافة العناية بنفسه وجسده في ذهنه، حتى يكون عنصرا حيويا في محيطه المدرسي والمجتمعي. ذلك أن أبحاثا علمية ارتكزت على عينات من التلاميذ في مختلف الأسلاك التعليمية، خاصة في السنوات الأولى من مستوى التعليم الأساسي، أثبتت أن من بين أكثر الأسباب رصدا، في تنامي ظاهرة التخلف والغياب، الهدر المدرسي، وضعف النتائج... تعود في معظمها إلى سوء التغذية والتدهور الصحي للمتعلم...
من هنا جاء التفكير في "العناية" بصحة التلميذ، منذ التحاقه بالمدرسة الابتدائية، إلى حين ولوجه فضاء الجامعات الوطنية، ولن يحظى طلب قبوله بالتعليم العالي، إلا بإحضار الدفتر الصحي كوثيقة رسمية ضمن وثائق التسجيل، بغض النظر عن عذريتها، التي تعطي الانطباع الزائف بطهارة الجسد من أي عبث مرضي . وإلا فإن الطالب يجد نفسه مجبرا، على اقتناء دفتر جديد بأي ثمن لندرة وجوده في نقط البيع بالمكتبات، ثم يعرضه على إدارة مؤسسته السابقة للتأشير عليه، والعودة إلى الكلية. وحسب بعض المصادر المطلعة، فقد سبق التوقيع على اتفاقيتي شراكة ، الأولى ثنائية بين: وزارتي الصحة والتربية الوطنية، والثانية ثلاثية، بينهما معا ووزارة الداخلية، في شأن دعم الصحة المدرسية، يستفيد بموجبهما المتعلم من ثلاثة فحوصات رسمية، على رأس كل ست سنوات من مشواره الدراسي، حيث يتم أول فحص طبي بالعام الأول من التعليم الأساسي ، والثاني عند ولوجه السنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي، فيما الثالث والأخير يجرى بين مدرجات الكليات في العام الأول أيضا... بيد أن ما يزعجنا، هو ما نلاقيه من ارتجال، إهمال مكشوف لحقوق التلميذ، وعدم مراعاة حاجياته التعليمية والصحية... فأمام ارتفاع أعداد التلاميذ بالمدارس العمومية، وقلة الأطباء والممرضين، يظل الدفتر الصحي مهملا وفارغا من أي شيء عدا اسم وصورة صاحبه أو صاحبته، تنهش أوراقه الأرضة.. والأدهى من ذلك كله، أن حالات إغماء مفاجئة ومتكررة تحدث في مناسبات عدة لنفس الأشخاص تمثل الإناث الأغلبية، كثيرا ما تستدعي تدخل سيارات الإسعاف، لحملها (أي الحالات) إلى المستشفيات بلا دفاتر صحية ولا مرافقين ، مما يتعذر معه الاطلاع على أي نوع من المعلومات، لتمكث بعيدة المنال، أسيرة سجلات المستعجلات. هذا يسوقنا إلى ما يعوز المؤسسات التعليمية من مصحات مجهزة، أو أماكن منعزلة للفحص بمواصفات لائقة، وإلى ممرضين مختصين... الشيء الذي يدفع بالحراسة العامة، إلى تسليم المرضى من تلامذتها مطبوعات "زيارة الطبيب"، وتركهم للمجهول بلا سند، عوامل شتى تضاعف آلامهم وأحزانهم، وتزيد من محن الأطر التعليمية والطبية على حد سواء. ناهيكم عن معاناة تلاميذ الداخليات من انعدام المراقبة الصحية الدورية، سوء التغذية والأمراض المعدية... ترى أين تصرف تلك الميزانيات المرصودة للمؤسسات؟ مشاريع وهمية تمتصها دون حسيب أو رقيب....
ومما سلف يمكن استنباط، أن التأمين الصحي بات ضرورة ملحة في بناء أسس متينة، تضمن عبورا ناجحا إلى ضفاف تنمية بشرية مستدامة، تعود بالنفع الشامل على الفرد والمجتمع، وأن الروح الوطنية العالية ، تستلزم استسهال الصعب من أجل ضمان مستقبل مشرق لناشئتنا، بث الحياة في الدفتر الصحي المدرسي، تعزيز سبل الوقاية من الأمراض ، والحرص على متابعة طبية حقيقية، بدل الاكتفاء بالحملات الوطنية العابرة وغير المجدية... ولن تتم بلورة ما نروم تحقيقه ، إلا عبر تضافر جهود الجميع ، توفير البنى التحتية والتجهيزات الضرورية، وتنظيم أنشطة وبرامج علمية حديثة، بما يحقق الارتقاء بمستوى التلميذ الصحي والمعرفي، والنهوض بمدرستنا العمومية حتى تتبوأ المكانة اللائقة بها بين مدارس العالم المتقدم. هل يعول على سيادة الوزير في اتخاذ القرار الأنسب؟...