أجمع المساهمون في النقاش حول واقع منظومة الإعلام المساعدة على التوجيه في منظومة التربية والتكوين المغربية، على كون هذه الأخيرة تعاني من أزمة مركبة لا تطال فقط الجوانب المتعلقة بالوسائل والهياكل و البنيات والموارد البشرية، أو النصوص القانونية والمساطر التنظيمية، وإنما تتجاوز ذلك لتطال الغايات و الأهداف والفلسفات والمقاربات والاستراتيجيات في تفاعل مع الاختلالات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين وسوق الشغل. وفي هذا الإطار، يؤكد عبد العزيز سنهجي على طبيعة الأزمة المتعددة الأبعاد والمستويات، هذه الأزمة التي لا يمكن استيعابها إلى بوضع منظومة الإعلام والمساعدة على التوجيه في إطارها التربوي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما يشير لذلك شعيب عبد اللطيف. إن فهم هذه الأزمة يقتضي الرجوع إلى جذورها الأولية وانطلاقتها المرتبكة التي تميزت باستنساخ ممارسات التوجيه في المنظومة التربوية دون التفكير في شروط ومقومات الممارسة المهنية وضمانات النجاح، مما ضيع الفرص وأهدر الطاقات كما يؤكد على ذلك حسن بوكرن، وساهم في تعميق الأزمة كما أشار لذلك محمد تناني. ومن هنا، لم تعد الأزمة أزمة إقلاع وانطلاقة فقط، وإنما أصبحت أزمة مسار ومآل طبعت صيرورة المجال بكامله، بالرغم من الإجراءات والتدابير والمبادرات التي طبعت مرحلة البرنامج الاستعجالي كما أوضح ذلك عزيز باشكين.
إن مجال التوجيه اليوم لا تنقصه لا الطاقات ولا الكفاءات، وإنما في حاجة ماسة للإرادة السياسية الحقيقة للقطع مع إهدار طاقات البلاد وإعاقة التنمية المجتمعية كما وضح ذلك منير الجوري، أو كما أكده علي باهوش عندما رصد بعض التجارب الدولية التي تجعل من التوجيه التربوي وظيفة من وظائف المؤسسة وسياسة موجهة ومؤطرة لعالم الشغل والمقاولة ومرسخة للمواطنة بكل أبعادها ودلالاتها.
لا مجال اليوم للخروج من هذه الأزمة المركبة إلا بإعادة النظر في التوجيه حكامة و وظائف و موقعا وأدوار وبنيات ومقاربات واستراتجيات... إضافة إلى الانخراط الجدي في مقاومة الممارسة الرتيبة والجامدة المهددة لكل إقلاع في المجال، وتصحيح التمثلات الخاطئة كما أشار لذلك مصطفى بلحسن، وذلك بالترافع والإقناع والنضال المستميت ليحتل مجال الإعلام و المساعدة على التوجيه موقعه الطبيعي في منظومة التربية والتكوين، ويشتغل بشكل سلس وطبيعي مع باقي المكونات لينال فرصته كاملة في التطور والنماء......التفاصيل