استمرار الحلول الترقيعية يساهم في إرباك مسلسل الإصلاح وتدني التحصيل الدراسي
عدا أنها الترجمة العملية لاستراتيجية وزارة التربية الوطنية في ضبط الحاجيات الآنية والمستقبلية للعملية التعليمة من مؤسسات وحجرات ووسائل ومعدات لازمة وموارد بشرية، تعد الخريطة المدرسية أداة أساسية لأجرأة الإصلاحات والمخططات التربوية وتحقيق الأهداف والمؤشرات المُلتزم بها، كما يكتسي إعداد وتحضير وتعديل الخريطة المدرسية أهمية بالغة في إنجاح
الدخول المدرسي، أخذا بعين الاعتبار الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة
التي تسمح بها الميزانية العامة. إنها الخريطة التربوية، بوجه من الأوجه، تعكس السياسة التعليمية بالبلد، وما ينبغي أن يكون في ظل الإكراهات المالية والبشرية، وبالتالي، فإن فشل مسارات هذا التخطيط وافتقاده
إلى الرؤية وبعد النظر وغياب الحس الاستشرافي يعني فشل الموسم الدراسي ككل.
مع بداية كل موسم دراسي، تطفو على سطح المشهد التربوي مشاكل عميقة تتعدى في كثير من الأحيان كل التوقعات، وتحدث ارتباكا يفضي إلى احتجاجات ومواجهات ساخنة بين الإدارة التربوية والفرقاء الاجتماعيين، ما يؤثر على السير العادي للمؤسسات التعليمية ويسيء إلى المنظومة التربوية بشكل عام.
ولعل ظاهرة الاكتظاظ، التي تقف عائقا أمام تحسين المردود التعليمي وتلغي تكافؤ الفرص والجودة، وكذا إشكالية الاستثمار الواقعي لتدبير الموارد البشرية والبنيات التربوية، التي تفرز غالبا خصاصا في كثير من المؤسسات التعليمية، سواء بالتعليم الابتدائي أو بسلكي الإعدادي والتأهيلي، هي من بين الأسباب الرئيسية التي تخلف دائما تعثرا وتأخيرا في انطلاق أي موسم دراسي، وتعكس سلبيات بنيوية على نفسيات المدرسين والتلاميذ، وكذلك بالنسبة إلى المناخ العام للعملية التعليمية التربوية. المصدر : موقع تربية بريس
ومن هنا تبدو أهمية دور ومهام الخريطة المدرسية، التي تعد مرجعية فريدة لتشخيص مثل هذه الاختلالات وتحديد السبل الكفيلة لمعالجتها، وذلك عبر دراسة مستفيضة للواقع وتخطيط دقيق للمستقبل، مع تكييف للأهداف العامة وربطها بظروف كل منطقة أو إقليم وفق إمكاناته واحتياجاته المستقبلية.
الأكيد أن كل الأكاديميات ونياباتها تضع اقتراحات هذه المصلحة جانبا وتتعامل مع الإشكالات المطروحة بأساليب وحيل مختلفة لتخفيف من حدة الأزمات دون البحث عن حلول ناجعة لمعالجتها، إذ في غالب المناسبات يعتمد المسؤولون على معطيات تعاكس الأهداف المسطرة وتفرغ كل المخطاطات من مراميها المنشودة، وذلك يتم على حساب استقرار وسكينة بعض الأطر التربوية، التي تجد نفسها مرغمة على الخضوع لما يصطلح عليه بـ "إعادة الانتشار"، بعد اللجوء إلى ضم الأقسام لتحقيق فائض من الأساتذة يتم تصريفه في سد الخصاص الحاصل، أو على حساب التلميذ بإيقاف العمل بالتفويج أو بحذف بعض المواد أو التقليص من المدة الزمنية المخصصة لها.. ما يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
طبعا لا يجهل أحد ما تخلفه هذه الحلول "الترقيعية" من ارتباك وتعثر يساهمان في تدني التحصيل الدراسي، علما أن الوزارة تطمح حاليا إلى تبني بيداغوجيا الإدماج، التي تحتاج دون شك إلى ظروف ومخططات مناسبة للتطبيق، وبالتالي يكون من الواجب العمل على تجاوز كل الإشكالات المطروحة باعتماد خريطة مدرسية تبنى انطلاقا من منظور تربوي يصب في صالح المتعلم، وتكون قادرة على مواجهة تحديات ارتفاع الطلب على التعلم وتحقيق التوازن بين الاحتياجات والإمكانات المتوفرة، مع ضرورة الحرص على تدبير الموارد البشرية المتوفرة وفق مخطط محلي مضبوط ومنسجم مع التوجهات العامة للوزارة وبرامج الأكاديميات الجهوية، وذلك بتنسيق مع جميع الشركاء والفرقاء الاجتماعيين.
كما أن عملية إعداد وبناء الخرائط التربوية تتطلب اختيار فريق عمل تتوفر في أعضائه الكفاءة والخبرة المطلوبة، ويكون قادرا على تحليل الإسقاطات والتنبؤات المستقبلية لتحديد التوقعات ومعدلات الاستعاب، وكذا الوقوف على قدرة النظام التربوي والاحتياجات التعليمية اللازمة لتلبية الطلب المستقبلي بصورة تتوافق مع عملية التنبؤ والميزانية المتاحة.
لذا كان لابد من تكثيف دورات التكوين لفائدة كل العاملين والمسؤولين عن إعداد الخرائط المدرسية بالأكاديميات والنيابات التابعة لها، وذلك بهدف رفع حصيلة المعلومات لديهم وتمكينهم من مفهوم التشخيص الواقعي لمساعدتهم على تنفيذ التصورات بالشكل السليم والصحيح، بالإضافة إلى تدريبهم على استعمال تقنيات وتطبيقات الإعلاميات الجديدة.
الصباح التربوي
المختار الرمشي (طنجة)
عدا أنها الترجمة العملية لاستراتيجية وزارة التربية الوطنية في ضبط الحاجيات الآنية والمستقبلية للعملية التعليمة من مؤسسات وحجرات ووسائل ومعدات لازمة وموارد بشرية، تعد الخريطة المدرسية أداة أساسية لأجرأة الإصلاحات والمخططات التربوية وتحقيق الأهداف والمؤشرات المُلتزم بها، كما يكتسي إعداد وتحضير وتعديل الخريطة المدرسية أهمية بالغة في إنجاح
الدخول المدرسي، أخذا بعين الاعتبار الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة
التي تسمح بها الميزانية العامة. إنها الخريطة التربوية، بوجه من الأوجه، تعكس السياسة التعليمية بالبلد، وما ينبغي أن يكون في ظل الإكراهات المالية والبشرية، وبالتالي، فإن فشل مسارات هذا التخطيط وافتقاده
إلى الرؤية وبعد النظر وغياب الحس الاستشرافي يعني فشل الموسم الدراسي ككل.
مع بداية كل موسم دراسي، تطفو على سطح المشهد التربوي مشاكل عميقة تتعدى في كثير من الأحيان كل التوقعات، وتحدث ارتباكا يفضي إلى احتجاجات ومواجهات ساخنة بين الإدارة التربوية والفرقاء الاجتماعيين، ما يؤثر على السير العادي للمؤسسات التعليمية ويسيء إلى المنظومة التربوية بشكل عام.
ولعل ظاهرة الاكتظاظ، التي تقف عائقا أمام تحسين المردود التعليمي وتلغي تكافؤ الفرص والجودة، وكذا إشكالية الاستثمار الواقعي لتدبير الموارد البشرية والبنيات التربوية، التي تفرز غالبا خصاصا في كثير من المؤسسات التعليمية، سواء بالتعليم الابتدائي أو بسلكي الإعدادي والتأهيلي، هي من بين الأسباب الرئيسية التي تخلف دائما تعثرا وتأخيرا في انطلاق أي موسم دراسي، وتعكس سلبيات بنيوية على نفسيات المدرسين والتلاميذ، وكذلك بالنسبة إلى المناخ العام للعملية التعليمية التربوية. المصدر : موقع تربية بريس
ومن هنا تبدو أهمية دور ومهام الخريطة المدرسية، التي تعد مرجعية فريدة لتشخيص مثل هذه الاختلالات وتحديد السبل الكفيلة لمعالجتها، وذلك عبر دراسة مستفيضة للواقع وتخطيط دقيق للمستقبل، مع تكييف للأهداف العامة وربطها بظروف كل منطقة أو إقليم وفق إمكاناته واحتياجاته المستقبلية.
الأكيد أن كل الأكاديميات ونياباتها تضع اقتراحات هذه المصلحة جانبا وتتعامل مع الإشكالات المطروحة بأساليب وحيل مختلفة لتخفيف من حدة الأزمات دون البحث عن حلول ناجعة لمعالجتها، إذ في غالب المناسبات يعتمد المسؤولون على معطيات تعاكس الأهداف المسطرة وتفرغ كل المخطاطات من مراميها المنشودة، وذلك يتم على حساب استقرار وسكينة بعض الأطر التربوية، التي تجد نفسها مرغمة على الخضوع لما يصطلح عليه بـ "إعادة الانتشار"، بعد اللجوء إلى ضم الأقسام لتحقيق فائض من الأساتذة يتم تصريفه في سد الخصاص الحاصل، أو على حساب التلميذ بإيقاف العمل بالتفويج أو بحذف بعض المواد أو التقليص من المدة الزمنية المخصصة لها.. ما يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
طبعا لا يجهل أحد ما تخلفه هذه الحلول "الترقيعية" من ارتباك وتعثر يساهمان في تدني التحصيل الدراسي، علما أن الوزارة تطمح حاليا إلى تبني بيداغوجيا الإدماج، التي تحتاج دون شك إلى ظروف ومخططات مناسبة للتطبيق، وبالتالي يكون من الواجب العمل على تجاوز كل الإشكالات المطروحة باعتماد خريطة مدرسية تبنى انطلاقا من منظور تربوي يصب في صالح المتعلم، وتكون قادرة على مواجهة تحديات ارتفاع الطلب على التعلم وتحقيق التوازن بين الاحتياجات والإمكانات المتوفرة، مع ضرورة الحرص على تدبير الموارد البشرية المتوفرة وفق مخطط محلي مضبوط ومنسجم مع التوجهات العامة للوزارة وبرامج الأكاديميات الجهوية، وذلك بتنسيق مع جميع الشركاء والفرقاء الاجتماعيين.
كما أن عملية إعداد وبناء الخرائط التربوية تتطلب اختيار فريق عمل تتوفر في أعضائه الكفاءة والخبرة المطلوبة، ويكون قادرا على تحليل الإسقاطات والتنبؤات المستقبلية لتحديد التوقعات ومعدلات الاستعاب، وكذا الوقوف على قدرة النظام التربوي والاحتياجات التعليمية اللازمة لتلبية الطلب المستقبلي بصورة تتوافق مع عملية التنبؤ والميزانية المتاحة.
لذا كان لابد من تكثيف دورات التكوين لفائدة كل العاملين والمسؤولين عن إعداد الخرائط المدرسية بالأكاديميات والنيابات التابعة لها، وذلك بهدف رفع حصيلة المعلومات لديهم وتمكينهم من مفهوم التشخيص الواقعي لمساعدتهم على تنفيذ التصورات بالشكل السليم والصحيح، بالإضافة إلى تدريبهم على استعمال تقنيات وتطبيقات الإعلاميات الجديدة.
الصباح التربوي
المختار الرمشي (طنجة)